للوراء
أريد
أن أكون كالفراشة
أطير بين الزهور البيض
و الحمر و الصفراء
و أن أبتسم مثل
الملائكة
في الخجلِ و الحياء
أريد أن أحيا
بذاكرتي
و أركض بين شوارع
طفولتي
و أرسم قمراً و ضياء
أريد أن أفرط بحماسي
الدفين هناك
و ألعب مع أولاد الجيران
بالطين و الماء
أريد
أن أعيد لهذا الروح
حياته القديمة
أريد فرحة عيدي بلمة
الأهل و الأقارب
أريد لحظات البرائة مع
الأصدقاء
أريد أن أتنفس قليلاً
من نقاء الهواء و أن
أستمتع
و أكون من البشر
السعداء
حيث لا ضجرٌ يغتالني
و لا سيفٌ طاعن ينزفني
بالبلاء
لا شبحٌ يحَملني ثقلٌ
تهلك ظهري
حيث لا أنكسر و
أشيخ
من وجع التعب و كل
هذا العناء
أريد قليلٌ من رحمة
السماء و بشرها
أريد جسد الحلم
يسكنني
و قبلة طويلة من أجمل
النساء
لا أريد رائحة الموت
و خيم العزاء
لا أريد النوح على طريق
الوداع و البكاء
أريد فجراً مشرق
بالفرح
و صباحاً خاليٌ من الإنكسار
و الهزبمة
بأرض الفناء
أريد ألف راحة من نافذة
القدر
و وروداً تزين دربي
بعطرها
و نوراً و سناء
أريد
أن أجلس تحت ظل
الزيتون
و أن أشرب كأس الشاي
الساخن براحة
البال
و أن أشبع من نهر
النسيان
و أسكن بكل تعبي
دار الصفاء
أريد أن أرضى بأحوالي
و أهدء
و أن أهرب من وجع
الحياة
و من لعنة و حقد
الأشقياء
أريد وطنً من الحب
بصحوة الضمير
وطنٌ من الأحلام و
العصافير
الحالمين بالشمس
كما أريد أنا أنام بحضن
الليالي
بكامل الخلاء
و أن أكتب شعراً
جميل
بأجمل الكلمات الحب و
السعادة
كباقي الشعراء
فأنا أحتاج أن أنفض
من على الوحي
غبار اليأس و التحجر
كي أنقذ نفسي من
رسوب
السقوط و الإغماء
فهذا الفراغ الذي بجسدي
يقتلني حجراً
فأشعر دائماً بأن كل
الأشياء
هي أشياءٍ جرباء
فالليل يسرقني من
النهار
و كل أحبابي هم مجرد
زوار
فكم أريد أن أرجع
للوراء
لأنسى ألم الوجود
بديارٍ
سكانها باتوا كلهم
غرباء
أريد أن أبقى كالبحر
أحضن أمواجي
و أدفن بأعماقي كل الصور
القديمة
و أكتب بروية عن
الراحلين
بمسودتي و ذكرياتي
أريد فقط إبتسامة
صغيرة
من وهم البقاء
فكفى لهذا الكفر
و لتلك العقول الغبية
البلهاء
فأنا أريد من السنين
صورة أمي
في صغري و ضحكتها
الطيبة
و صورة أبي المبتسم
بباب البيت
و تبغه و قداحته و المسبحة
السوداء برائحته
أريد زمن الأوفياء
أريد زمن الشرفاء
بقعة صغيرة فقط
بهذا الكوكب
أريدها مكاناً للإنتماء
كما أريد من القصيدة
الخاتمة الكريمة
و عنواناً يليق بمفرداتي
الحزينة بطولها
أريد من هذا الظلم الكبير
الإنتهاء
كم و كم و كم
أريد أن نكف عن الركض
مسرعين بالحرام
كزحمة الحمير بدرب
الغباء
أريد ان أرجع لألف
وراء
لزمن الطيبِ و الأنقياء
مصطفى محمد كبار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق