وكأن حياتي هي عاصمة الأحزان بمرها
فأشكو البقاء بلعنة القيود في مستعمرة
و كأنني أعيش العمر بأرض الشياطين
دخانٌ و سواد أرى كل الأشياء مدمرة
كفى يا دنيا ترهقيني بالأسى و جمرة
مالكِ تسحقين قلوبنا وجعاً و قهرا
مالكِ لا تكتفين من كسرنا و العمر مالهُ
يحملنا ألماً و لا يأخذُ من الموتِ عبرة
فقد مالَ جدارنا و سقط بذل الوقت
مالكِ تجرحين و تعيدينَ بجرحنا الكَرا
أفلا تسريحين من قتلنا قليلاً و تهدئي
فالعينُ دامعٌ و القلبُ قد نفذَ منهُ صبره
فأدنو هلاكً بحد السيفِ و أحلمُ لو
كان لهذا الجرح ثوب النجاة لو لمرة
هي الحياةُ لم تقبلنا بديارها لنحيا بها
وكأننا كفرٌ بطيبُ الملائكة و هي الكفرة
و هذا الطعنُ متى سينتهي ذبحهُ فينا
كربٌ قد رمى بنا لعشق الترابِ و حفرة
العمرُ و قد سهى بحزنهِ باكياً و تنحى
كالريح قد بعثرَ دروبي الحزينة بعثرة
و ذاكَ الزمانُ هل يخجلُ بيوم موتي
أم كحالُ الأقدارِ قلبهُ قاسي كصخرة
كلُ السنينِ أثقلتني بحملها و أوجعتني
و كم أشقى دهري بقتلي و نالني غدره
يا دنيا لكِ هذا الجسدُ المقتول و هذا
الجرح و لي بدربُ الموتِ دمعٌ و كسرة
أمشي منهزمٌ بجروح الأيامِ وحالي تعَبٌ
فهنا طعنٌ و رفس ومن هنا لَكمٌ و نعرة
و كأنني بين الندبِ أسلو بوجه الآلام
كورق الخريفِ أسقطُ من أعلى الشجرة
فكم الخيباتُ تحملني لديارها و تعصرني
وجعُ بالعمر و الأيام تمر بنارها مستنفرة
مالكِ تجرينَ بنعوشنا و تهلكين توابيتنا
بأرواحنا المقتولة فهل ندمتِ معتذرة
أم إنكِ مثلُ الجحيم تحرقُ بضحاياها
و تمضي بقتل الأحلامِ و هي متكبرة
فإقطعي بجسدي كما شئتِ و أرهقيني
مالي بهذا العمر الذليل كلهُ أرقٌ و حسرة
ماذا تنتظرين يا دنيا أشبعيني طعناً و
اذبحيني كضحية العيد بذبحها مجبرة
و إذا متُ قهراً كالحجر يادنيا إعلمي من
بعدي كلُ الأشياء ستنقلبُ إلى مسخرة
دروبُ النجاةِ خلف المدى لما لا نبصرها
و لما فقط دروبنا للجروحِ هي مختصرة
يا لهذا الكرم من رحمة السماء و عرشها
كم دارتْ للظالمين و معنا دامتْ مقصرة
أين عدالتكِ يا دنيا حين يعصرنا الموت
وجعاً و يهدُ بأجسادنا المشلولةِ المخدرة
فإكتبي لعنتنا بجدار الليل كآخر الوصية
بأننا أموتٌ و أجسادنا هي مجردُ مقبرة
فهاتِ ياأيتها السماء أكثرِ من كأسكِ المر
فكلُ أرواحنا من شركِ قد باتتْ منتحرة
و إرقصي كالغراب بموتنا و هللي فرحاً
قولي بأنكِ بموتنا فقط تكونين منتصرة
قد خسرنا معكِ كل شيء و تهنا كالغبار
وكل القلوب علينا مثلكِ صارت متحجرة
مصطفى محمد كبار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق