**أنا ملح الأرض**
انا ذلك المتجذّر في قاع الحلم
انا ذلك المتمدّن في عمق البداوة
انا ذلك الذي يرسم بالماء مدنا أهلة بالحب
وخيمات بيضا وسودا كأنهن عرائس على سفوح الجمال
أنا كالوحي كالأسرار كابتسامة الفجر
أؤثّث الفراغات بالزنابق السود
وعيدان الزعتر والزيتون
وشفاه حبيبتي المتقرّحة بسبب القحط
فمهما تاهت مراكبي فلابد أن أعود
أداعب الصبح مداعبة الولدان
فيبتسم معلنا عن ولادة جديدة
أنبت زهرا يانعا متبسّما في الصخر الأصم
لم أتعود على نيل الهدايا
ولا يغريني -حين يشتد الوجد- غنج الصبايا
ولا يحرك سواكني الحزن المعشّش في الحكايا
ولدتُ من رحم الطين المتقرّح
بعنق مشرئب يرنو لبكاء السماء
القحط ضرب الحقول وموائد البسطاء
وشحّ الأكل وحتى الحبّ والإيمان
فحين تجوع البطون تنسدّ سبل التفكير
وتلفظ القلوب سويداءها خوفا على العشّاق
محاريب السّمر يؤمّها الخطّاف مهلّلا بقدوم المطر
لم يتخلّص العرب من إرث التبرّم
حتى أنهم ابتدعوا مصطلح "المتشائل"
فلسفة الخوف من الخسارة تجعلك تعضّ على الألم
تتكور على نفسك كالقنفذ، تستنهض سمّ القلم
تنثر حبرك في وجه الغزاة
تجرّدهم من زيف تعاليهم وتتركهم كالولدان عراة
ومهما سقط قلبك إلى قعرك رفعته وشددته بخيط أمل
إليك ودّي وبعض الدعاء
ومدينة تجدد جلدها
واحذر غانية رقصت على بقايا رجولة
وازرع الورد أينما حللت
وغنّ للمطر
فعيون الماء تحتاج عشقا لتنفجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق