...........
من منا لم يتجرع مرارة الخذلان في كأس مكسورة الحواف؟ من منا لم تهده أنامل الحياة بخيبة موجعة؟ بل صفعة على الوجه تترك أثراً وجرحا عميقاً غائرا في القلب لا يندمل ولا يمكن أن تمحو اثاره الأيام؟!!
إن الخذلان في وقعه على النفس أقسى من أي شيء آخر حتى أنه أقسى من الفقد و ألعن ؛؛؛؛؛ لأنه نابع من مدى محبتنا وثقتنا بالطرف الآخر، فكلما كان الشخص قريبا كلما كان الألم والخيبة أكبر، وكلما كان وقعه على النفس أعظم، حين تأمل وترتجي منهم فيصفعونك بخيبة تلو الخيبة، حين تتعامل معهم بكل حب، وتعيش معهم بصدق ،تشاركهم أحزانك وأفراحك، تشاركهم التفاصيل الصغيرة و ما ألعن تلك التفاصيل الصغيرة حين يرحلون و تجثم هي على صدرك بحمولتها الثقيلة ..
فلماذا كل هذا الخذلان أمام الثقة ؟هل العيب فينا لأننا وثقنا بهم ؟أم أنه سوء إختيار؟أم أن الطيبة لا بد أن تقابل بالخذلان في زمننا هذا؟!
كان خذلانهم كان كفيلا بأن يخبرك أن كل اللحظات الجميلة التي جمعتك بهم ماهي إلا فقاعات صابون رغم أنك تشبثت بها بكلتا يديك المتلهفتين وبكل قوة إلا أنها تلاشت تطايرت إلى أماكن لا يحق لك الوصول لها، يمطرونك بالوعود الكاذبة ويخدعوك!!!!!!
خذلان قد أحرق مساحات قلبك البيضاء ،إننا وبالرغم من كل الألم الذي عشناه، على مر سنوات ، إلا أننا لم نتوقف عن منح أولئك الذين خذلونا فرصا جديدة، وهم بدورهم لا يتوقفون عن خذلنا، لكن بعد كل خذلان يتملص القلب منهم شيئا فشيئا إلى أن يصبحوا غرباء كما لم يكونوا يوما غرباء جدا جدا لحد مخيف ......
كل ما ذكرته لك و اكثر ستراه حين تعطي الأشياء و الأشخاص حجوما لا تليق بسعتها.
إذا كان للخذلان و الخيبة و ما يصحبهما من فراغ و فقد شيء من النفع ، فالحري بها أن تلفت انتباهنا لبعض الأشياء التي كنا نغفل عنها أحيانا، ومعرفة نقاط ضعفنا فهم استغلوا ذلك جيدا لعلمهم مواطن القوة والضعف فينا فالوحدة كفيلة تجعلهم يظنون أنهم بخذلانهم أقوى منا، وينعتوننا نحن بالتقصير تجاههم وأننا سبب خذلانهم كأنهم هم الضحايا وليس نحن!!!!!!
ونقدر ونستحضر أموراً كنا نجهلها أو لا نعيرها اهتماماً، فإن خيبة الأمل ترسخ فينا مبادئ الحياة العميقة ودورها وعظمتها وضرورتها، تعلّمنا قوة الاحتمال واتقان الصبر واحتراف الانتظار،و أبلغ ما يمكن ان يجعلنا الخذلان نوليه اهتماما هو أنفسنا.
سلط الضوء على نفسك أولا قبل أي طرف آخر لا تلم أحدا و امضِ في رحلة جديدة لصناعة نفسك لا لهدمهم ، بالعكس انصر كلّ من خذلوك في المَواضع التي ظنّوا أنّك ستخذلهم بها، فقط لتخبرهم بأنّهم خذلوا أنفسهم بأنفسهم حينما خذلوك.
أتعلم الخذلان الحقيقي ؟
لا خذلان أسوء من خذلان نفسك لنفسك لا خذلان أقوى من أن تخونك همتك في احدى معارك الحياة بينما الحرب لازالت طويلة و قائمة و لا تكن تعيسا بخذلان الابتعاد عن ربك
وطوبى لكل ألم أدماك فجعلك تخدر جراحاتك بالوضوء و تركع على سجادتك لتتطبب بين يديه وتتصبر بالصلاة والدعاء .
فلا تعطي الأشياء أكبر من حجمها وتوقف عن لوم نفسك لكونك مخذولاً.
بقلم/د.شيماء محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق